فصل: تفسير الآيات (55- 56):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومن يقرأ قول الحق سبحانه: {واتقوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ} [البقرة: 48].
يرى أنه أمام نفسين: النفس الأولى هي التي تقدِّم الشفاعة، والنفس الثانية هي المشفوع لها. والشفاعة هنا لا تُقبل من النفس الأولى الشافعة، وكذلك لا يُقبل العدل.
وفي الآية الثانية لاتُقبل الشفاعة ولا العدل من النفس المشفوع لها، فهي تحاول أن تقدم العدل أولًا، ثم حين لا ينفعها تأتي بالشفيع.
وهكذا جاء التقديم والتأخير في الآيتين مناسبًا للموقف في كل منهما.
وهنا يقول الحق سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأرض لاَفْتَدَتْ بِهِ} [يونس: 54].
وفي هذا القول تعذُّرِ ملْك النفس الواحدة لكل ما في الأرض، ولو افترضنا أن هذه النفس ملكته فلن تستطيع الافتداء به؛ وتكون النتيجة هي ما يقول الحق سبحانه: {وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب} [يونس: 54].
أي: أخفوا الحسرة التي تأتي إلى النفس، وليس لها ظاهر من انزعاج لفظي أو حركي.
إن كلاّ منهم يكتم هَمَّه في قبله؛ لأنه ساعة يرى العذاب ينبهر ويُصعَق ويُبهَت من هول العذاب، فتجمد دماؤه، ولا يستطيع حتى أن يصرخ، وهو بذلك إنما يكبت ألمه في نفسه؛ لأن هول الموقف يجمِّد كل دم في عروقهم، ويخرس ألسنتهم، ولا يستطيع أن ينطق؛ لأنه يعجز عن التعبير الحركي من الصراخ أو الألم.
ونحن نعلم أن التعبير الحركي لون من التنفيس البدني، وحين لا يستطيعه الإنسان، فهو يتألم أكثر.
هم إذن يُسرُّون الندامة حين يرون العذاب المفزع المفجع، والكلام هنا عن الظالمين، وهم على الرغم من ظلمهم، فالحق سبحانه يقول: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقسط وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [يونس: 54].
وهؤلاء رغم كفرهم واستحقاقهم للعذاب يلقون العدل من الله، فَهَبْ أن كافرًا بالله بمنأى عن الدين ظلم كافرًا آخر، أيقف الله سبحانه من هذه المسألة موقفًا محايدًا.
لا؛ لأن حق خَلْق الله سبحانه الكافر المظلوم يقتضى أن يقتص الله سبحانه له من أخيه الكافر الظالم؛ لأن الظالم الكافر، إنما ظلم مخلوقًا لله، حتى وإن كان هذا المظلوم كافرًا.
ولذلك يقضي الله بينهم بالحق، أي: يخفِّف عن المظلوم بعضًا من العذاب بقدر ما يثقله على الظالم.
هذا هو معنى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} لأنها تتطلب قضاء، أي: عدم تحيز، وتتطلب الفصل بين خصومتين.
ويترتب على هذا القضاء حكم؛ لذلك يبين لنا الحق سبحانه أنهم وإن كانوا كافرين به إلا أنه إن وقع من أحدهم ظلم على الآخر، فالحق رب الجميع وخالق الجميع، كما أعطاهم بقانون الربوبية كل خير مثلما أعطى المؤمنين، فهو سبحانه الذي أعطى الشمس، والماء، والهواء، وكل وسائل الرزق والقُوت لكل الناس مؤمنهم، وكافرهم فإذا ما حدث ظلم بين متدينين بدين واحد، أو غير متدينين، فلابد أن يقضي فيه الحق سبحانه بالفصل والحكم بالعدل. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ}
قوله تعالى: {لاَفْتَدَتْ بِهِ}: افتدى يجوز أن يكون متعديًا وأن يكونَ قاصرًا، فإذا كان مطاوعًا لفَدَى كان قاصرًا تقول: فَدَيْتُه فافتدى، ويكونُ بمعنى فَدَى فيتعدى لواحد. والفعلُ هنا يحتملُ الوجهين: فإنْ جعلناه متعديًا فمفعولُه محذوفٌ تقديرُه: لافتدَتْ به نفسَها، وهو في المجاز كقولِه: {كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} [النحل: 111].
وقوله: {وَأَسَرُّواْ} قيل: أسرَّ مِنَ الأضداد، يُسْتعمل بمعنى أظهر، كقوله الفرزدق:
ولمَّا رأى الحجَّاجَ جرَّد سيفَه ** أسَرَّ الحَرُوريُّ الذي كانوا أضمرا

وقول الآخر:
فأسرَرْتُ الندامةَ يوم نادى ** بِرَدِّ جِمالِ غاضِرةَ المُنادي

ويُسْتعمل بمعنى: أخفى وهو المشهورُ في اللغةِ كقوله: {يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النحل: 19] وهو في الآيةِ يحتمل الوجهين. وقيل: إنه ماض على بابه قد وقع. وقيل: بل هو بمعنى المستقبل. وقد أبعدَ بعضُهم فقال: أسرُّوا الندامةَ أي: بَدَتْ بالندامة أسِرَّةُ وجوهِهم أي: تكاسيرُ جباهِهم.
و: {لَمَّا رَأَوُاْ} يجوز أن تكونَ حرفًا، وجوابُها محذوف لدلالة ما تقدَّم عليه، وهو المتقدمُ عند مَنْ يَرى تقديمَ جواب الشرط جائزًا. ويجوز أن تكونَ بمعنى حين والناصبُ لها أسَرُّوا. وقوله: {ظلَمْت} في محل جرِّ صفةٍ لـ {نفس} أي: لكل نفس ظالمة. و{مَّا فِي الأرض} اسمُ أن، و{لكلٍ} هو الخبر.
وقوله: {وَقُضِيَ} يجوزُ أن يكونَ مستأنفًا، وهوالظاهر، ويجوز أن يكونَ معطوفًا على {رأوا} فيكونَ داخلًا في حَيِّز {لَمَّا} والضميرُ في {بينهم} يعودُ على {كل نفس} في المعنى. وقال الزمخشري: بين الظالمين والمظلومين، دلَّ على ذلك ذِكْرُ الظلم. وقال بعضُهم: إنه يعود على الرؤساء والأتباع. و{بالقسط} يجوز أن تكونَ الباءُ للمصاحبةِ، وأن تكونَ للآلة. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54)}
لا يُقْبَلُ منهم عَدْلٌ ولا سَرَفٌ، ولا يحصل فيما سَبَقَ لهم من الوعيد خَلَفَ. ولا ندامة تنفعهم وإنْ صَدَقوها، ولا كرامة تنالهم وإنْ طلبوهَا، ولا ظُلْمَ يجري عليهم ولا حيف، كلا... بل هو اللَّهُ العَدْلُ في قضائه، الفَرْدُ في علائه بنعت كبريائه. اهـ.

.تفسير الآيات (55- 56):

قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56)}

.مناسبة الآيتين لما قبلهما:

قال البقاعي:
ولما كان السبب الحامل لملوك الدنيا على الكذب والجور والظلم العجز أو طلب التزيد في الملك، أشار إلى تنزهه عن ذلك بقوله مؤكدًا سوقًا لهم مساق المنكر لأن فعلهم في عبادة الأصنام فعل من ينكر مضمون الكلام: {ألا إن لله} أي الملك الأعظم وحده: {ما في السماوات} بدأ بها لعلوها معنى وحسًا وعظمتها؛ ولما كان المقام للغنى عن الظلم لم يحوج الحال إلى تأكيد بإعادة النافي فقال: {والأرض} أي من جوهر وعرض صامت وناطق، فلا شيء خارج عن ملك يحوجه إلى ظلم أو إخلاف وعد لحيازته، والحاصل أنه لا يظلم إلا ناقص الملك وأما من له الملك كله فهو الحكم العدل: لأن جميع الأشياء بالنسبة إليه على حد سواء، ولا يخلف الوعد إلا ناقص القدرة وأما من له كل شيء ولا يخرج عن قبضته شيء فهو المحق في الوعد العدل في الحكم، وفي الآية زيادة تحسير وتنديم للنفس الظالمة حيث أخبرت بأن ما تود أن تفتدي به ليس لها منه شيء ولا تقدر على التوصل إليه، ولو قدرت ما قبل منها، وإنما هو لمن رضي منها بالقليل منه فضلًا منه عليها على ما أمر به على لسان رسله، وعلى هذا فيجوز أن يكون التقدير: لو أن لها ذلك لافتدت به، لكنه ليس لها بل لله؛ فلما ثبت بذلك حكمه بالعدل وتنزهه عن إخلاف الوعد.
صرح بمضمون ذلك بقوله مؤكدًا لإنكارهم: {ألا إن وعد الله} أي الذي له الكمال كله: {حق} لأنه تام القدرة والغنى، فلا حامل له على الإخلاف: {ولكن أكثرهم} أي الذين تدعوهم وهم يدعون دقة الأفهام وسعة العقول: {لا يعلمون} أي لا علم لهم فهم لا يتدبرون ما نصبنا من الأدلة فلا ينقادون لما أمرنا به من الشريعة فهم باقون على الجهل معدودون مع البهائم؛ و: {ألا} مركبة من همزة الاستفهام ولا وكانت تقريرًا وتذكيرًا فصارت تنبيهًا، وكسرت إن بعدها لأنها استئنافيه ينبه بها على معنى يبتدأ به ولذا يقع بعدها الأمر والدعاء بخلاف لو وإلا للاستقبال فلم يجز بعدها إلا كسر إن أما قد تكون بمعنى حقًا في قولهم: أما إنه منطلق، وهي للحال فجاز في أن بعدها الوجهان- ذكره الرماني؛ والسماوات طبقات مرفوعه أولها سقف مزين بالكواكب. وهي من سما بمعنى علا. ولما تقرر أنه لا شيء خارج عن ملكه، وأنه تام القدرة لأنه لا منجي من عذابه، شامل العلم لقضائه بالعدل، صادق الوعد لأنه لا حامل له على غيره، وثبت تفرده بأنه يحي ويميت؛ ثبت أنه قادر على الإعادة كما قدر على الابتداء، فثبت أنه لا يكون الرد إلا إليه فنبه على ذلك بقوله: {هو} أي وحده: {يحيي} أي كما أنتم به مقرون: {ويميت} كما أنتم له مشاهدون: {وإليه} أي لا إلى غيره: {ترجعون} لأنه وعد بذلك في قوله: {إليه مرجعكم جميعًا وعد الله حقًا} [يونس: 4] وفي قوله: {فإلينا مرجعهم} [يونس: 46] وفي قوله: {إي وربي إنه لحق} [يونس: 53] وغير ذلك ولا مانع له منه؛ والحياة معنى يوجب صحة العلم والقدرة ويضاد الموت، وهو يحل سائر أجزاء الحيوان فيكون بجميعه حيًا واحدًا، والحي هو الذي يصح أن يكون قادرًا، والقادر هو الذي يصح أن يذم ويحمد بما فعل، والموت معنى يضاد الحياة على البنية الحيوانية، وليس كذلك الجمادية. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
اعلم أن من الناس من قال: إن تعلق هذه الآية بما قبلها هو أنه تعالى قال قبل هذه الآية: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا في الأرض لاَفْتَدَتْ بِهِ} [يونس: 54] فلا جرم قال في هذه الآية ليس للظالم شيء يفتدى به، فإن كل الأشياء ملك الله تعالى وملكه، واعلم أن هذا التوجيه حسن، أما الأحسن أن يقال إنا قد ذكرنا أن الناس على طبقات، فمنهم من يكون انتفاعه بالإقناعيات أكثر من انتفاعه بالبرهانيات، أما المحققون فإنهم لا يلتفتون إلى الإقناعيات، وإنما تعويلهم على الدلائل البينة والبراهين القاطعة، فلما حكى الله تعالى عن الكفار أنهم قالوا: {أحق هو}؟ أمر الرسول عليه السلام بأن يقول: {إِي وَرَبّي} [يونس: 53] وهذا جار مجرى الإقناعيات، فلما ذكر ذلك أتبعه بما هو البرهان القاطع على صحته وتقريره أن القول بالنبوة والقول بصحة المعاد يتفرعان على إثبات الإله القادر الحكيم وأن كل ما سواه فهو ملكه وملكه، فعبر عن هذا المعنى بقوله: {أَلا إِنَّ للَّهِ مَا في السموات والارض} ولم يذكر الدليل على صحة هذه القضية، لأنه تعالى قد استقصى في تقرير هذه الدلائل فيما سبق من هذه السورة، وهو قوله: {إِنَّ في اختلاف الليل والنهار وَمَا خَلَقَ الله في السموات والارض} [يونس: 6] وقوله: {هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَاء والقمر نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ} [يونس: 5] فلما تقدم ذكر هذه الدلائل القاهرة اكتفى بذكرها، وذكر أن كل ما في العالم من نبات وحيوان وجسد وروح وظلمة ونور فهو ملكه وملكه، ومتى كان الأمر كذلك، كان قادرًا على كل الممكنات، عالمًا بكل المعلومات غنيًا عن جميع الحاجات، منزهًا عن النقائص والآفات، فهو تعالى لكونه قادرًا على جميع الممكنات يكون قادرًا على إنزال العذاب على الأعداء في الدنيا وفي الآخرة ويكون قادرًا على إيصال الرحمة إلى الأولياء في الدنيا وفي الآخرة ويكون قادرًا على تأييد رسوله عليه السلام بالدلائل القاطعة والمعجزات الباهرة ويكون قادرًا على إعلاء شأن رسوله وإظهار دينه وتقوية شرعه، ولما كان قادرًا على كل ذلك فقد بطل الاستهزاء والتعجب ولما كان منزهًا عن النقائص والآفات، كان منزهًا عن الخلف والكذب وكل ما وعد به فلابد وأن يقع، هذا إذا قلنا: إنه تعالى لا يراعي مصالح العباد، أما إذا قلنا: إنه تعالى يراعيها فنقول: الكذب إنما يصدر عن العاقل، إما للعجز أو للجهل أو للحاجة، ولما كان الحق سبحانه منزهًا عن الكل كان الكذب عليه محالًا، فلما أخبر عن نزول العذاب بهؤلاء الكفار، وبحصول الحشر والنشر وجب القطع بوقوعه، فثبت بهذا البيان أن قوله تعالى: {أَلا إِنَّ للَّهِ مَا في السموات والأرض} مقدمة توجب الجزم بصحة قوله: {أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} ثم قال: {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} والمراد أنهم غافلون عن هذه الدلائل، مغرورون بظواهر الأمور، فلا جرم بقوا محرومين عن هذه المعارف، ثم إنه أكد هذه الدلائل فقال: {هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} والمراد أنه لما قدر على الإحياء في المرة الأولى فإذا أماته وجب أن يبقى قادرًا على إحيائه في المرة الثانية، فظهر بما ذكرنا أنه تعالى أمر رسوله بأن يقول: {إِى وَرَبّى} [يونس: 53] ثم إنه تعالى أتبع ذلك الكلام بذكر هذه الدلائل القاهرة.
واعلم أن في قوله: {أَلا إِنَّ للَّهِ مَا في السموات والارض} دقيقة أخرى وهي كلمة: {ألا} وذلك لأن هذه الكلمة إنما تذكر عند تنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين وأهل هذا العالم مشغولون بالنظر إلى الأسباب الظاهرة فيقولون البستان للأمير والدار للوزير والغلام لزيد والجارية لعمرو فيضيفون كل شيء إلى مالك آخر والخلق لكونهم مستغرقين في نوم الجهل ورقدة الغفلة يظنون صحة تلك الإضافات فالحق نادى هؤلاء النائمين الغافلين بقوله: {أَلا إِنَّ للَّهِ مَا في السموات والارض} وذلك لأنه لما ثبت بالعقل أن ما سوى الواحد الأحد الحق ممكن لذاته، وثبت أن الممكن مستند إلى الواجب لذاته إما ابتداء أو بواسطة، فثبت أن ما سواه ملكه وملكه، وإذا كان كذلك، فليس لغيره في الحقيقة ملك، فلما كان أكثر الخلق غافلين عن معرفة هذا المعنى غير عالمين به، لا جرم أمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام أن يذكر هذا النداء، لعل واحدًا منهم يستيقظ من نوم الجهالة ورقدة الضلالة. اهـ.

.قال القرطبي:

{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
{ألاَ} كلمة تنبيه للسامع تزاد في أوّل الكلام؛ أي انتبهوا لما أقول لكم: {إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ}، {لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض} فلا مانع يمنعه من إنفاذ ما وعده: {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ذلك. اهـ.